قصة : أحمد الليثى الشرونى ــ أسوان
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
" شجرة زينب "
كبرت" زينب" وراحت تملأ البيت ضجيجاً ، فهى تحب اللعب وتتنقل كالفراشة من مكان إلى مكان وضفائر شعرها الرقيقة التى عقدتها أمها لها تقفز معها ، فتفرح بها .
تصحو" زينب" من نومها على زقزقة العصافير التى تسكن الشجرة الواقفة فى فسحة بيتهم الريفى الجميل ، تحب زينب اللعب تحت الشجرة ، يأتى إليها أصحابها يلعبون ويمرحون معها ويفرحون بالشجرة ذات الأوراق الخضراء الكثيفة ، فجأة تغيرت ألوانها إلى الأصفر ثم بدأت تتساقط على الأرض، مر أسبوع وتساقطت كل الأوراق بعد أن جفت ماء الحياة فيها ، ووقفت الشجرة جرداء عارية .
حزنت" زينب "على منظر الشجرة التى أحبتها بأوراقها الخضراء الجميلة ، وذات صباح وضعت خدها الغض على جذع الشجرة وقالت لها :
ــ لماذا سقطت أوراقك الخضراء أيتها الشجرة الجميلة ؟
فردت عليها الشجرة بألم :
ــ إنه الخريف ياعزيزتى ، يجردنى من أوراقى الخضراء كما ترين .
ــ ولماذا يفعل الخريف ذلك ؟
ــ إنها حكمة الله فى مخلوقاته يا "زينب ".
ــ حتى العصافير لم أعد اسمع زقزقتها صباحاً .
ــ نعم ياصديقتى ….. أنا حزينة على العصافير أكثر من حزنى عليك ،فأنت لك فراش تنامين فيه ليلاً لكن العصافير لم يعد
لها مأوى ليلاً بعد أن أصبحت أغصانى بلا أوراق .
سئمت" زينب" وتوقفت عن اللعب تحت الشجرة ، وراحت أمها تجمع الأوراق التى جفت وألقتها بعيداً .
سألت" زينب "أمها فى براءة عن الخريف فقالت لها :
ــ الجو يتغير يا حبيبتى ولا تتحمله الأوراق فتسقط على الأرض .
لم تفهم" زينب" شيئاً من كلام أمها ولكنها مازالت تكره الخريف الذى حرمها من اللعب تحت الشجرة .
انكمشت روح الحياة فى الشجرة ولكن رغم ذلك ظلت أغصانها تقف فى صمود وكبرياء وتتأهب لاستقبال برودة الشتاء التى لاترحم ، ولكن لم يكن أمامها سبيل سوى المقاومة والصمود حتى يأتى الربيع الجميل الذى تحبه كل الأشجار والزهور والفراشات والعصافير ، كل الدنيا تحتفى بقدوم الربيع .
ظلت" زينب" تنظر إلى الشجرة كل صباح وهى حزينة ، وتشكو لأقاربها وأصحابها حال الشجرة التى تحبها .
ذات ليلة رأت" زينب" فى منامها أنها تلعب تحت الشجرة ,تقفز وتلعب ,وفجأة تدلت أغصانها إلى الأرض وأخذت زينب فى حضنها وراحت تدغدغها وتداعب خديها الجميلين,فظلت تضحك ......تضحك ...... تضحك ...... بصوت مرتفع حتى أيقظتها أمها من النوم التى تنبهت إلى صوت ضحكها المرتفع ، استيقظت" زينب" وهى تشعر بنشوة وفرح غامرين ، وراحت تقص على أمها ما رأ ته فى النوم ، فضحكت أمها واندهشت وقالت لها :
ــ نامى يا "زينب" ولاتفكرى كثيراً فى الشجرة .
سحبت "زينب " الغطاء فوق جسدها النحيل وراحت تغط فى نوم عميق .
فى صباح يوم من الأيام راحت تنظر "زينب " إلى الشجرة, وفجأة لمحت الأوراق الخضراء بدأت تظهر من جديد, دب الفرح فى قلبها وذهبت لأصحابها لتخبرهم ، وسريعاً جاءوا ليشاهدوا الأوراق الخضراء الجديدة ، فرحوا معها وراحوا يدورون حول الشجرة فرحين، والعصافير تحلق فوقهم تشاركهم الأفراح .