( قصة قصيرة ) قصة: أحمد الليثى الشرونى ـ أسوان
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
" العم ريحان "
تحت شجرة الكافور الكبيرة على شاطىء النهر يجلس العم "ريحان " يأتيه الهواء طرياً ممزوجاً برائحة الماء الصافى وبجواره"القُفَّة " مملوءة بالترمس الطازج وعلى جانبيها قراطيس من الورق ، صنعتها له زوجته الطيبة "أم على" يأتى إليه الصغار والكبار يبتاعون منه الترمس ويشربون من ماء الزير البارد الذى يملأه من النهر كل ليلة ، يظل عم" ريحان" طوال النهار جالساً تحت الشجرة يبيع الترمس ، عندما تقترب الشمس من مرقدها فى الغرب ينزل إلى النهر ويملأ الزير ويضع عليه الغطاء بإحكام ثم يحمل "القفة" ويعود إلى بيته وفى الطريق يوزع ما تبقى من الترمس على الصغار الذين يلعبون ويفرحون به ويغنون له : "عم ريحان...... يا عم ريحان"
فى أيام الدراسة يذهب عم" ريحان" إلى المدرسة الإبتدائبة كل يوم أثناء الفسحة ويقف أمام البوابة ويلتف حوله الأولاد ويشتهون الترمس الذى يصنعه بيده ، يضعه لهم فى القراطيس الورقية ، ذات يوم نهره الأستاذ " مدحت " مدرس الألعاب أمام الأولاد لوقوفه أمام الباب ، حزن العم" ريحان " وانصرف ولم يعد يأتى إلى المدرسة ، غضب الأولاد من الأستاذ ولم يستطعوا أن يحدثوه فى ذلك لأنه يعاملهم بقسوة .
مرت أيام ، والمدرسة ينقصها شيء مهم وهو وجود عم" ريحان" على البوابة، فكَّر الأولاد أن يحثوا الأستاذ " مدحت "
على ما فعله مع عم" ريحان" بأدب، فكتب "ياسر" وكان فى الصف الخامس كلمة عن عم ريحان وألقاها فى إذاعة المدرسة الصباحية بعد عرضها على مشرف الإذاعة بالمدرسة ، وذكر فيها خصال عم" ريحان "الطيبة وحبهم له لأنه بمثابة الأب لكل الأولاد وأن ترمس عم" ريحان "فيه بركة وأنه سمْح فى بيعه وكان عم ريحان بطل الإذاعة المدرسية فى هذا اليوم، اندهش الأستاذ " مدحت " لكل هذا الوفاء من الأولاد تجاه هذا الرجل الطيب، فندم وحزن ، وبعد العصر ذهب إليه تحت الشجرة واعتذر له، تقبَّل عم "ريحان "اعتذاره ثم أعطاه قرطاس ترمس، وفى اليوم التالى كان يقف عم" ريحان" أمام الباب يبيع الترمس والأولاد حوله سعداء بعودته .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ