وحتى الحيز وهو الفراغ له اهمية في تكوين التكوين، ولابد ان نسلط الضوء على العوامل التي من خلالها يتم الحصول على التكوين واول هذه العوامل :-
اولا: التأكيد :
كل الآراء العلمية التي عرفت التأكيد لم تذهب بعيدا عن تقارب هذه الآراء بعضها لبعض، فجميع الآراء كانت متقاربة بالعلمية الموجودة داخلها. والتأكيد هو إبراز الشخصية او الممثل الذي يؤدي شخصية مهمة على خشبة المسرح وتسليط الضوء على الشخصية من خلال استعمال التأكيد ومن خلال التاكيد إزاحة مشكلة من خلال المخرج وذلك بإبراز الشخصية التي يريد هو إبرازها، وبالتالي يتعرف الجمهور على الشخصية التي أكد عليها المخرج وذلك بإبرازها، ونجد هناك عدة طرق ووسائل للحصول على هذا التاكيد:
1- عن طريق وضع الجسم:- الوضع الجسمي القوي هو ابسط الطرق للحصول على التاكيد، مثلا مجموعة من الأشخاص جميعهم موجودون على خشبة المسرح وبأوضاع جسمية مختلفة، لكن الشخص الذي سيكون وجهه وجسمه في مواجهة كاملة مع الجمهور هو الذي يكون مؤكد من قبل الجمهور.
2- عن طريق المنطقة او المجال: يستخدم وضع المنطقة كثيرا للتأكيد عندما تكون المجموعة موزعة على جميع مناطق الخشبة يكون عندها التأكيد على الشخص او الممثل الذي يقف في منطقة الوسط.
3- عن طريق المسطح : اذا تساوت العوامل الأخرى كأوضاع او المنطقة يكون المسطح الأسفل هو الأكثر تأكيدا بالنسبة للمتلقي.
4- عن طريق المستوى : بتم ذلك من خلال المستوى او الارتفاع عن مستوى خط المسرح بشكل عام او الأرضية ويجلس عليه الشخص المراد التاكيد عليه وبذلك تسلط أنظار الجمهور الشخص الجالس، وبذلك يكون هو الأكثر تأكيدا بين بقية الممثلين.
5- عن طريق التضاد: التاكيد من خلال التضاد يكون عن طريق الممثل او الشخص المراد التاكيد عليه ويتم ذلك بطريقة العكس بالعكس، أي الممثل الذي يجلس او يقف عكس بقية الممثلين حتى ولو كان ذلك في وضع مختلف او ضعيف وبالتالي يحصل هو على التاكيد. (9)
ان الهدف من التنوع بطرق الحصول على التأكيد بالإضافة الى الجانب الوظيفي بطرق التأكيد، هناك الجانب الجمالي الذي يتكون من خلال هذه الطرق والتي من خلالها إغناء الجانب البصري للمشاهد بتنوع المستويات والأشكال كي لا نجعل العين ترى شكلا واحدا على الخشبة مما يولد تعب لعين المشاهد من رتابة الأشكال التي يراها على خشبة المسرح .
والتأكيد ذو اهمية كبيرة " للتعريف بالشخصيات للجمهور حتى يعرف الجمهور من هم اللاعبين، فإذا عرف الشخصيات كأسماء ودلالات يستطيع ان يبني تصوره على هذا الأساس. التاكيد الصحيح ضروري للتوضيح، والموضوع شئ حيوي يجعل المشاهد يتفاعل مع المسرحية ويتأثر بها"(10)
أنواع التاكيد:
أ- التاكيد المباشر: وهو ترتيب مجموعة أشخاص على خشبة المسرح وابراز شخص واحد وهو الشخص او الشخصية المراد التاكيد عليها.
ب- التاكيد المزدوج : هو التأكيد على شخصيتين في ان واحد وهو إبراز شخصين من المجموعة وبشكل ثابت أي متقارب او متوازي وبذلك يتحقق التاكيد .
ج- التاكيد المتنوع : هذا النوع من التاكيد هو اصعب أنواع التاكيد وهو ايضا يدخل ضمن أنواع التاكيد المزدوج من حيث المبدأ (أي التاكيد على اكثر من شخص). لكن يختلف من حيث المضمون، نلاحظ في التاكيد المتنوع هو التاكيد على اكثر من شخص او أربعة اشخاص على خشبة المسرح، وهو جميعهم من حيث الأهمية مهمون ورئيسيون فيصار التاكيد عليهم تباعا وفي أوضاع، من الجسم وتكون متسلسلة . وبذلك تحصل جميع الشخصيات المهمة على التاكيد.
د- التاكيد الثانوي : التاكيد الثانوي ايضا قريب من التاكيد المزدوج والمتنوع، وبالتأكيد الثانوي يكون الشخص المساعد للشخصية الرئيسية ، ومثال على ذلك مشهد المنديل في مسرحية عطيل ، المشهد الذي يجمع عطيل وياغو الذي يقوم ياكو بإعطاء المنديل الى عطيل لاثبات خيانة ديزدمونة لعطيل . نجد ان البطل هو عطيل لكن لابد من التاكيد على ياكو لتقوية فعله او لابراز شخصيته فيتم التاكيد عليه (9)
وبغض النظر عن انواع التاكيد وعند عمل التكوين على خشبة المسرح لابد ان نوزع جميع الممثلين بصورة جميلة ومتكاملة كي نبتعد عن الرتابة التي تولد في المشهد المسرحي وبذلك نكون قد حققنا تكوينا بصريا إضافة الى التكوين الجمالي.
ثانيا: الثبات:
الثبات هو عامل من عوامل التكوين كي تشد الصورة المسرحية " الصورة هي رؤية المتفرجين لخشبة المسرح وحولها البرواز المسرحي في لحظة معينة محصورة يعيش داخلها الممثلون في علاقات فنية مع بعضهم ، ومع المنظر المسرحي بكل عناصره المختلفة" (12)
وتربطها بالمنصة ، وهو الذي يحد ويحدد الفضاء (المسافة) انه العامل الذي يرضي النزوع الداخلي في الإنسان للتناسق في ذواتنا وفي كل ما نرى بقوة الجاذبية في الصورة المفتقرة للثبات، تبدو وكأنها تطير في قلب الفضاء المسرحي.
فعليه ان يجب على المخرج المسرحي ان يثبت الصورة المسرحية او التشكيلات. والتشكيلة هي "عملية أوضاع ومواقف اللاعبين فوق خشبة المسرح، ولاشك ان التشكيل في نظر المخرج خاضع لأسس نفعية وجمالية ايضا"(13)
وان يعطي الصرة المسرحية عامل الاستقرار فوق خشية المسرح حتى يحصل على التكوين المسرحي بالإضافة الى التكوين الجمالي والبصري التي حصلنا عليها من خلال تكامل الثبات على الخشبة.
ثالثا: التتابع :
التتابع هو عبارة عن ربط الوحدات سويا على المنصة بواسطة المسافة، هذه المسافة المقررة لابد ان تكون ذات تواتر منتظم او ظهور متكرر لقدر من تلك المسافة. ومن ثم فحين نتحدث عن التتابع بمفهومه الشامل فهو يعني علاقة ماضية.
وهو في تأثيره عبارة عن نبرة تحدث بانتظام، انه إيقاع في التكوين، إيقاع في المسافات الفاصلة بالأشخاص او المجموعات على خشبة المسرح.(14)
رابعا: التوازن:
ان عملية خلق التوازن على خشبة المسرح تتم من خلال التساوي في توزيع التشكيلات والمجامع التي تشغل قطاعا او قطاعين لا اكثر توازن نفسها بنفسها، إذ لا تستطيع عيون النظارى ان تشمل المسرح كله، بل تتركز على التشكيلات وتنتقي مركز التوازن الصحيح من تلقاء نفسها.(15)
وهكذا نكون قد حصلنا على التوازن المسرحي والذي هو " أحداث تعادل في الصورة المسرحية من حيث توزيع الحركات المسرحية والشخصيات والألوان والظلال والأحجام والأنوار"(16)