قصيدة أعجبتني للشاعر فاروق جويدة بعنوان اغضب
وفد اخترت لكم منها هذه الأبيات :
اغضب فإن الله لم يخلق شعوباً تستكين
اغضب فإن الأرض تـُحنى رأسها للغاضبين
اغضب ستلقىَ الأرض بركاناً ويغدو صوتك الدامي نشيد المُتعبين
اغضب
فالأرض تحزن حين ترتجف النسور
ويحتويها الخوف والحزن الدفين
الأرض تحزن حين يسترخى الرجال
مع النهاية .. عاجزين
اغضب
فإن العار يسكـُنـُنا
ويسرق من عيون الناس .. لون الفرح
يقتـُل في جوانحنا الحنين
ارفض زمان العهر
والمجد المدنس تحت أقدام الطغاة المعتدين
اغضب
فإنك إن ركعت اليوم
سوف تظل تركع بعد آلاف السنين
اغضب
فإن الناس حولك نائمون
وكاذبون
اغضب
إذا صليت .. أو عانقت كعبتك الشريفة .. مثل كُل المؤمنين
اغضب
فإن الله لا يرضى الهوان لأمةٍ
كانت - وربُ الناسِ- خير العالمين
فالله لم يخلق شعوباً تستكين
اغضب
إذا لاحت أمامك أمة مقهورة خرجت من التاريخ
باعت كل شيء
كل أرضٍ
كل عِرضٍ
كل دين
اغضب
فالأرض لا تنسى صهيل خيولها
حتى ولو غابت سنين
الأرض تـُـنكر كـُـلَّ فرع عاجز
تـُـلقيهِ في صمت تـُـكـفـِّـنـُـه الرياح بلا دموعٍ أو أنين
الأرض تكره كل قلبٍ جاحدٍ
وتحب عـُـشاق الحياة
وكل عزمٍ لا يلين
فالأرض تركع تحت أقدام الشهيد وتنحني
وتـُـقبِّـل الدم الجسور وقد تساقط كالندى
وتسابق الضوءان
ضوء القبر .. في ضوء الجبين
وغداً يكون لنا الخلاص
يكون نصر الله بـُشرى المؤمنين
اغضب
فإن جحافل الشر القديم تـُـطل من خلف السنين
اغضب
فإن بداية الأشياء .. أولها الغضب
ونهاية الأشياء .. آخرها الغضب
والأرض أولى بالغضب
سافرت في كل العصور
وما رأيت .. سوى العجب
شاهدت أقدار الشعوب سيوف عارٍ من خشب
ورأيت حربا بالكلام .. وبالأغاني .. والخـُطب
ورأيت من سرق الشعوب .. ومن تواطأ .. من نهب
ورأيت من باع الضمير .. ومن تآمر .. أو هرب
ورأيت من جعلوا الخيانة قـُدس أقداسِ العرب
ورأيت تيجان الصفيح تفوق تيجان الذهب
فاغضب فإن الأرض يـُحييها الغضب
اغضب
ولا تُسمع أحد
أسمع أنين الأرض حين تضم في أحشائها عطر الجسد
أسمع ضميرك حين يطويك الظلام .. وكل شئ في الجوانح قد همد
والنائمون على العروش فحيح طاغوت تجبّر .. واستبد
لم يبق غير الموت
إما أن تموت فداء أرضك
أو تـُباع لأي وغد
مت في ثراها
إن للأوطان سراً ليس يعرفه أحد