المغيرة بن شعبة:
اسمه وكنيته:
هو المغيرة بن شعبة بن أبي عامر بن مسعود الثقفي. أبو عبد الله. من كبار الصحابة أولي الشجاعة والمكيدة والدهاء..
كان ضخم القامة، عبل الذراعين، بعيد ما بين المنكبين، أصهب الشعر جعده وكان لا يفرقه..
وعن الزهري قال: قالت عائشة: كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقام المغيرة بن شعبة ينظر إليها، فذهبت عينه.
حاله في الجاهلية ثم إسلامه:
عن المغيرة بن شعبة قال: إنّ أول يوم عرفت رسول الله صلى الله عليه وسلم أنّي أمشي أنا وأبو جهل، إذ لقينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لأبي جهل: يا أبا الحكم هلّم إلى الله وإلى رسوله، أدعوك إلى الله، فقال أبو جهل: يا محمد هل أنت منته عن سبّ آلهتنا، هل تريد إلاّ أن نشهد أن قد بلّغت، فوالله لو أنّي أعلم أن ما تقول حق ما اتّبعتك، فانصرف رسول الله صلى اله عليه وسلم، وأقبل عليّ فقال: والله إنّ لأعلم أنّ ما يقول حق، ولكن بنو قصيّ قالوا: فينا الحجابة، فقلنا: نعم، فقالوا: فينا النّدوة، قلنا، نعم، ثم قالوا: فينا اللّواء، فقلنا: نعم، وقالوا: فينا السّقاية، فقلنا: نعم، ثم أطعموا وأطعمنا حتى إذا تحاكت الركب قالوا: منّا نبيّ، والله لا أفعل.
وروى الواقدي.. عن محمد بن يعقوب بن عتبة، عن أبيه، وعن جماعة قالوا: قال المغيرة بن شعبة: كنا متمسكين بديننا ونحن سدنة اللات، فأراني لو رأيت قومنا قد أسلموا ما تبعتهم.
فأجمع نفر من بني مالك الوفود على المقوقس وإهداء هدايا له، فأجمعت الخروج معهم، فاستشرت عمي عروة بن مسعود، فنهاني، وقال: ليس معك من بني أبيك أحد، فأبيت، وسرت معهم، وما معهم من الأحلاف غيري.. حتى دخلنا الإسكندرية، فإذا المقوقس في مجلس مطل على البحر، فركبت زورقا حتى حاذيت مجلسه، فأنكرني، وأمر من يسألني، فأخبرته بأمرنا وقدومنا، فأمر أن ننزل في الكنيسة، وأجرى علينا ضيافة، ثم أدخلنا عليه، فنظر إلى رأس بني مالك، فأدناه، وأجلسه معه، ثم سأله، أكلكم من بني مالك؟ قال نعم، سوى رجل واحد، فعرَّفه بي. فكنت أهون القوم عليه، وسُرَّ بهداياهم، وأعطاهم الجوائز، وأعطاني شيئا لا ذكر له.
وخرجنا، فأقبلت بنو مالك يشترون هدايا لأهلهم، ولم يعرض علي أحد منهم مواساة، وخرجوا، وحملوا معهم الخمر، فكنا نشرب، فأجمعت على قتلهم، فتمارضت، وعصبت رأسي، فوضعوا شرابهم، فقلت: رأسي يُصدع ولكني أسقيكم، فلم ينكروا، فجعلت أصرف لهم، وأترع لهم الكأس، فيشربون ولا يدرون، حتى ناموا سكرا، فوثبت، وقتلتهم جميعا، وأخذت ما معهم.
فقدمت على النبي -صلى الله عليه وسلم- فأجده جالسا في المسجد مع أصحابه، وعلي ثياب سفري، فسلمت، فعرفني أبو بكر فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: الحمد لله الذي هداك للإسلام، قال أبو بكر: أمن مصر أقبلتم؟ قلت: نعم، قال: ما فعل المالكيون؟ قلت: قتلتهم، وأخذت أسلابهم، وجئت بها إلى رسول اللة ليخمسها.
فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: " أما إسلامك فنقبله، ولا آخذ من أموالهم شيئا ؛ لأن هذا غدر، ولا خير في الغدر " فأخذني ما قرب وما بعد (أصابني خوف أو حزن)، وقلت: إنما قتلتهم وأنا على دين قومي، ثم أسلمت الساعة، قال: " فإن الإسلام يجُبُّ ما كان قبله "
أثر الرسول في تربيته:
أقام المغيرة بن شعبة مع النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى اعتمر عمرة الحديبية، فكانت أول سفرة خرجت معه فيها. وكنت أكون مع الصديق وألزم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيمن يلزمه.
أهم ملامح شخصيته:
ـ كان يقال له مغيرة الرأي، وشهد اليمامة وفتوح الشام والعراق. وقال الشعبي: كان من دهاة العرب؛ وكذا ذكره الزهري.
وقال قبيصة بن جابر: صحبت المغيرة؛ فلو أن مدينة لها ثمانية أبواب لا يخرج من باب منها إلا بالمكر لخرج المغيرة من أبوابها كلها، وولاه عمر البصرة، ففتح ميسان، وهمذان، وعدة بلاد إلى أن عزله لمَّا شهد عليه أبو بكرة ومن معه.
ومن دهاء المغيرة بن شعبة أنه لما شكا أهل الكوفة عماراً، فاستعفى عمار عمر بن الخطاب، فولى عمر جبير بن مطعم الكوفة، وقال له: لا تذكره لأحد.
فسمع المغيرة بن شعبة أن عمر خلا بجبير، فأرسل امرأته إلى امرأة جبير بن مطعم لتعرض عليها طعام السفر، ففعلت، فقالت: نعم ما حييتني به. فلما علم المغيرة جاء إلى عمر فقال له: بارك الله لك فيمن وليت! وأخبره الخبر فعزله وولى المغيرة بن شعبة الكوفة، فلم يزل عليها حتى مات عمر.
ويقول المغيرة بن شعبة لم يخدعني غير غلام من بني الحرث بن كعب فإني ذكرت امرأة منهم لأتزوجها فقال أيها الأمير لا خير لك فيها فقلت ولم؟ قال رأيت رجلا يقبلها فاعرض عنها فتزوجها الفتى فلمته وقلت ألم تخبرني أنك رأيت رجلا يقبلها؟ قال نعم رأيت أباها يقبلها
بعض المواقف من حياته مع رسول الله صلى الله عليه وسلم:
ـ يقول المغيرة بن شعبة بعثت قريش عام الحديبية عروة بن مسعود إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ليكلمه، فأتاه، فكلمه، وجعل يمس لحيته، وأنا قائم على رأس رسول الله مقنع في الحديد، فقال المغيرة لعروة: كُفَّ يدك قبل أن لا تصل إليك، فقال: من ذا يا محمد؟ ما أَفَظَّه وأغلظه، قال: ابن أخيك، فقال: يا غدر، والله ما غسلت عني سوءتك إلا بالأمس.
بعض المواقف من حياته مع الصحابة:
مع علي رضي الله عنه:
قال المغيرة بن شعبة لعلي حين قتل عثمان اقعد في بيتك ولا تدع إلى نفسك، فإنك لو كنت في جحر بمكة لم يبايعوا غيرك.
وقال لعلي إن لم تطعني في هذه الرابعة، لأعتزلنك، ابعث إلى معاوية عهده، ثم اخلعه بعد. فلم يفعل، فاعتزله المغيرة باليمن.
فلما شغل علي ومعاوية فلم يبعثوا إلى الموسم أحدا ; جاء المغيرة، فصلى بالناس، ودعا لمعاوية.
مع معاوية رضي الله عنه:
يقول الزهري: دعا معاوية عمرو بن العاص بالكوفة، فقال: أعني على الكوفة، قال: كيف بمصر؟ قال: أستعمل عليها ابنك عبد الله بن عمرو قال: فنِعْمَ. فبينا هم على ذلك جاء المغيرة بن شعبة - وكان معتزلا بالطائف - فناجاه معاوية.
فقال المغيرة: تؤمر عَمْرا على الكوفة، وابنه على مصر، وتكون كالقاعد بين لحيي الأسد. قال: ما ترى؟ قال: أنا أكفيك الكوفة. قال: فافعل.
فقال معاوية لعمرو حين أصبح: إني قد رأيت كذا، ففهم عمرو فقال: ألا أدلك على أمير الكوفة؟ قال: بلى، قال: المغيرة، واستغن برأيه وقوته عن المكيدة، واعزله عن المال، قد كان قبلك عمر وعثمان ففعلا ذلك، قال: نعم ما رأيت. فدخل عليه المغيرة، فقال: إني كنت أمرتك على الجند والأرض، ثم ذكرت سُنة عمر وعثمان قبلي، قال: قد قبلت.
موقفه مع رجل من الأنصار:
ـ كان لبعض ثقيف غلامٌ نصراني، فقتل، فبينما رجل من الأنصار يستلب قتلي ثقيف إذ كشف العبد فرآه أغزل، فصرخ بأعلى صوته: يا معشر العرب إن ثقيفاً لا تختتن. فقال له المغيرة بن شعبة: لا تقل هذا، إنما هو غلامٌ نصراني، وأراه قتلى ثقيف مختتنين.
بعض الأحاديث التي نقلها عن المصطفى صلى الله عليه وسلم:
ـ أخبر عروة بن المغيرة بن شعبة عن المغيرة بن شعبة أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر وأنه ذهب لحاجة له وأن مغيرة جعل يصب الماء عليه وهو يتوضأ فغسل وجهه ويديه ومسح برأسه ومسح على الخفين..
ـ وعن عبد الملك بن عمير عن وراد كاتب المغيرة بن شعبة قال أملى على المغيرة بن شعبة في كتاب إلى معاوية أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في دبر كل صلاة مكتوبة لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد.
بعض كلماته:
قال المغيرة بن شعبة من أخَّر حاجة رجلٍ فقد ضَمِنها إن المعرفةَ لتنفع عند الكلب العقور والجمل الصؤل فكيف بالرجل
الكريم؟
موقف الوفاة:
توفي المغيرة بن شعبة -رضي الله عنه- بالكوفة سنة خمسين للهجرة وهو ابن سبعين سنة..
المصدر: موقع رسول الله
منقول