كان سليمان عليه السلام يحب الخيل كثيرا ، خصوصا ما يسمى (بالصافنات) ، وهي من أجود أنواع الخيول وأسرعها.
وفي يوم من الأيام بدأ استعراض هذه الخيول أمام سليمان عصرا ، وتذكر بعد الروايات أن عددها كان أكثر من عشرين ألف جواد ، فأخذ ينظر إليها ويتأمل فيها ، فطال الاستعراض ، فشغله عن ورده اليومي في ذكر الله تعالى ، حتى غابت الشمس ، فانتبه ، وأنب نفسه لأن حبه لهذه الخيول شغله عن ذكر ربه حتى غابت الشمس ، فأمر بإرجاع الخيول له (فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاق )ا
وجاءت هنا روايتان كلاهما قوي :
رواية تقول أنه أخذ السيف وبدأ بضربها على رقابها وأرجلها ، حتى لا ينشغل بها عن ذكر الله ، كان يعاقب نفسه حتى لا تشغله الخيل بعد ذلك عن الصلاة . ولعله عاقبها ليذبحها فحسبها بالعرقبة عن النفار ، ثم ذبحها في الحال ليتصدق بلحمها ، أو لأن ذلك كان مباحاً في شرعه فأتلفها لما شغلته عن ذكر الله ، حتى يقطع عن نفسه ما يشغله عن الله ، فأثنى الله عليه بهذا ، وبين أنه أثابه بأن سخر له الريح ، فكان يقطع عليها من المسافة في يوم ما يقطع مثله على الخيل في شهرين غدواً ورواحاً.
ورواية أخرى تقول أنه كان يمسح عليها ويستغفر الله عز وجل ، فكان يمسحها ليرى السقيم منها من الصحيح لأنه كان يعدّها للجهاد في سبيل الله ، لأن نبي الله صلى الله عليه وسلم لم يكن إن شاء الله ليعذب حيواناً بالعرقبة ، ويهلك مالاً من ماله بغير سبب ، سوى أنه اشتغل عن صلاته بالنظر إليها ، ولا ذنب لها باشتغاله بالنظر إليها.
والله أعلم أيهما الحق.
سورة ص
وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ (30) إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ (31) فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَن ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ (32) رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ (33)ا
المصدر : تفسير ابن كثير للقرأن الكريم والقرطبي
منقول من منتدي مما قرأت وأعجبني